القائمة الرئيسية

الصفحات

حسيت قبل كدة إنك أكتر من واحد جوا بعض ! إيه هو أصل أسطورة الكيميرا ! ليه عينيك وفتحتين مناخيرك مش قد بعض ؟ قد تكون كايميرا وأنت لا تعلم!!

قد تكون كايميرا وأنت لا تعلم!!

" الكايميرا"

مخلوق معروف في الأساطير اليونانية القديمة مكون من ثلاثة حيوانات، رأس أسد، جسد ماعز وذيل حيّة، وهي أيضا حالة طبية معروفة لدى الحيوانات والنباتات وحتى البشر.

في سنة 2002 طالبت سيّدة أمريكية وأم لطفلين، حامل بطفلها الثالث بنفقة لإعالة أبنائها بعد انفصالها عن زوجها، وقد طلبت المحكمة منها ومن زوجها إجراء فحص روتينيّ لإثبات النسب، وكانت النتيجة غريبة للغاية، حيث أظهرت الفحوصات عدم التطابق بين الأحماض النوويّة للأم وطفليها، ما يعني أن هذه المرأة التّي تطالب بحق طفليها في النفقة لست والدتهما على الرغم من أنّ سجلات المستشفى تثبت ولادتها لهما بتواريخ واضحة وموثقة.

دفع هذا الأمر بالمتخصصين إلى انتظار ولادتها الثالثة من أجل فحص الحمض النووي لرضيعها حديث الولادة، وقد كانت النتيجة صادمة، حيث انعدم التطابق بين الأم وابنها الخارج للتو من رحمها.

- لجأ المتخصصون إلى خطوة ثالثة حيث قاموا بفحص خلايا من أعضاء متفرقة من جسد الأم، شعرها، جلدها وبعض الغدد، ولم تختلف النتائج عن سابقاتها، إذ اختلف الحمض النووي لهذه الأعضاء مع الأحماض النووية لأطفالها الثالثة، ماعدا خلايا عنق الرحم حيث كان التطابق حاضرا، وبهذا فهم المتخصصون أن هذه السيّدة عبارة عن كائنين في جسد واحد أو ما يعرف بالكايميرا.

- في الحالة الطبيعية، تطلق الأنثى من المبيض بويضة واحدة كل شهر، ليقوم الذكر بتلقيحها بحيوان منوي واحد من بين ملايين الحيوانات المنوية التي يطلقها، مما يؤدي إلى تكوين جنين يحمل نصف الحمض النووي لوالده ونصف الحمض النووي لوالدته، في بعض الحالات تطلق المرأة بويضتين يتم تلقيحها عن طريق حيوانين منويين معطيين بذلك جنينين منفصلين يعرفان بالتوأم غير المتطابق، قد يتطور الجنينان ليصبحا كائنين مختلفين تماما يخرجان للعالم، أما الاحتمال الثاني فيقضي بأن يتلاشى أحد الجنينين ويتم امتصاص خلاياه والتخلص منها عن طريق جسم الأم دون أن تشعر هذه الأخيرة أو تلاحظ أية أعراض وهذه الحالة تعرف بمتلازمة التوأم المتلاشي، أما الاحتمال الثالث فهو اندماج التوأمين في أولى مراحل التكوين مما يعطي جنينا واحدا مكونا من أنسجة ترجع في الحقيقة لشخصين، أي أنها كانت ستكوّن كائنين مختلفين تماما، كان بالإمكان أن يكونا توأمين غير متطابقين، وينمو هذا الجنين بحيث تحمل خلاياه حمضين مختلفين في نفس الوقت، فقد يختلف الحمض النووي لشعره عن الحمض النووي لكبده، وقد يحمل زمرتين دمويتين مختلفتين، بل قد يحمل خلايا مذكرة وخلايا مؤنثة في نفس الوقت، إذا كان جنس الجنينين في الأصل مختلفا، أو قد تتباين أعضائه بحيث يكون بعضها مذكرا والبعض الآخر مؤنثا بما في ذلك الأعضاء التناسلية وهذا ما حدث مع لاعبة دانماركية مثلت بلادها في الألعاب الأولمبية سنة 1950 ، ولم يكن الطب متطورا كفاية لفهم طبيعة حالتها، فعندما وجد المتخصصون أنها تحمل خلاياها مذكرة تم استبعادها من المشاركة من الألعاب النسائية وسحب ميداليتها وشطب الرقم القياسي الذي حققته، ولم يتم التعرف على حالتها وإثبات براءتها إلا بعد فحص خلايا مختلفة من جسدها وذلك بعد وفاتها.

هذه الحالة ليست نادرة الحدوث ولكنها نادرة الاكتشاف حيث يقول الأطباء أن كل حالة من ثمانية حالات حمل تبدأ بحمل متعدد، أي بتخصيب أكثر من بويضة بأكثر من حيوان منوي، وبهذا قد أكون أنا أو أنت اثنين في واحد دون أن ندري.

لا تسبب الكايميرا التباسا في قضايا النسب وحسب بل قد تسبب مشاكل طبية خطيرة، في سنة 2003 تمت عملية نقل دم لمريض يبلغ من العمر 61 سنة بعد إجرائه عملية جراحية خطيرة، وكان المتبرع سليما يحمل نفس زمرته الدمويّة، لكن المريض أبدى رد فعل عنيف جدا تجاه عملية نقل الدم التي تمت، وهو رد فعل معروف طبيا في حالة عدم تطابق الزمر الدموية، بحيث تهاجم خلايا المناعة للشخص المستقبل خلايا الدم المنقول، وهذا ما دفع الأطباء لإعادة فحص دم لمتبرع بشكل أكثر دقة، وقد أثبت الفحص أن المتبرع يحمل فصيلتي دم مختلفتين لأنه كايميرا، بحيث كانت فصيلة دمه « o » بنسبة 95% و « B » بنسبة 5% ، هذه النسبة القليلة هي التي أدت إلى عدم التطابق وولّدت رد فعل المريض بعد عملية نقل الدم.

وتحصل هذه الظاهرة أيضا عند التبرع بالأعضاء، حيث يمكن أن تحتوي أعضاء المتبرع على بقايا من خلايا الجنين الذي كان يمثل توأنه في مرحلة النمو الجنيني داخل الرحم، وبهذا، على الرغم من أن عملية الزرع يسبقها القيام بفحوص للتأكد من قابلية الجسم لاستقبال العضو الجديد والتطابق بين خلايا المتبرع والمستقبل إلا أنه قد يحث الرفض الخلوي للسبب الآنف ذكره، وهو أن تكون الخلايا المفحوصة هي نوع واحد من نوعي الخلايا التي تشكل جسم المتبّرع ولا يظهر الفحصُ وجود خلايا أخرى قد تكون غير متطابقة مع المستقبل وهو سبب من أسباب فشل عمليات زرع الأعضاء، حيث تقوم أجهزة المناعة بالتعرف على الخلايا الغريبة وتقوم برفضها مما قد يؤدي إلى نتائج جد خطيرة كموت العضو المزروع أو حتى موت المريض نفسه.

الأخطر هو أن الجسم الذي يحمل نوعين من الخلايا، أي خلايا التوأم غير المكتمل ضمن جسد الشخص المكتمل، تقوم أجهزته المناعيّة بمحاربة ومهاجمة تلك الخلايا التي تعتبر من خلايا الجسم ذاته ومن مكونات أعضائه المختلفة، وهذا يمكن أن يكون تفسيرا لكثير من أمراض المناعة الذاتية التي لا تملك تفسيرا طبيّا إلى يومنا هذا مثل مرض الذئبة الحمراء وروماتيد المفاصل ووهن العضلات.

تناولت دراسة أخرى موضوع الكايميرا من جانب آخر، حيث تحدثت عن تبادل خلوي يحدث بين الأم والجنين عن طريق المشيمة، وفسرت وجود خلايا ذكرية في أجساد النساء بأنها عائدة لأطفالهن الذكور أثناء مرحلة الحمل، وتتواجد هذه الخلايا في الدم وفي الدماغ على حد سواء. كما تحدثت ذات الدراسة أن هذا التبادل الخلوي إن صح أن نسميه كذلك لا يحدث فقط بين الأم وجنينيها وبين التوائم داخل الرحم بل حتى بين الأخوين من حملين منفصلين حيث تنتقل الخلايا المستقرة في جسد الأم من جنينها الأول إلى جنينها الثاني خلال حملين متتاليين، وتتشابه بهذا خلايا الكايميرا مع الخلايا الجذعية حيث بإمكانها التحوّل لإعطاء أنسجة جديدة أو إصلاح أنسجة متضررة.

أشارت دراسة دانماركية إلى أن ثلث البشر عبارة عن كايميرا لكن هناك مئة حالة فقط ثم اكتشافها وإثباتها وتسجيلها في التاريخ الطبي، ومع ذلك فإن حالة واحدة منها تفتح المجال للتساؤل حول ما إذا كانت ظاهرة الكايميرا سببا لكثير من العيوب الخلقية والشكلية مثل تشوهات القلب والجهاز العصبي، أو حتى سبباً لعدم التماثل في وجوهنا نحن البشر، حيث نلاحظ جميعنا اختلاف شكل وحجم العينين وفتحتي الأنف، بل قد تقودنا هذه الظاهرة إلى طرح سؤال فلسفي مثير، إذا كان الشخص الكايميرا في النّهاية جسدا واحدا، فهل هو روح واحدة؟

المصادر:

إنت واحد ولا إتنين؟ د. إيمان الإمام
({});

تعليقات